ليونيل ميسي يعتبر على نطاق واسع أحد لاعبي كرة القدم في العالم، إن لم يكن أعظمهم. موهبته الاستثنائية وتقنياته التي لا تشوبها شائبة وخفة الحركة التي لا مثيل لها أكسبته العديد من الأوسمة والسجلات طوال حياته المهنية. إن قدرة ميسي المذهلة على المراوغة وبراعته المذهلة في تسجيل الأهداف غالبًا ما تركت المشجعين والمعارضين في حالة من الرهبة. رؤيته للملعب وقدرته على خلق فرص التهديف لزملائه جعلت منه صانع ألعاب حقيقي.
خارج الملعب، ميسي معروف بتواضعه وعمله الخيري. لقد استخدم شهرته وثروته لدعم العديد من القضايا الخيرية، بما في ذلك توفير التعليم والرعاية الصحية للأطفال المحرومين. وعلى الرغم من التحديات والانتكاسات، فإن تصميم ميسي ومرونته سمح له بالتغلب على العقبات ومواصلة التفوق على أعلى مستوى. لا يمكن إنكار تأثيره على اللعبة ومكانته كرمز عالمي. تعتبر رحلة ميسي من صبي صغير مليئ بالأحلام إلى أسطورة كرة قدم بمثابة مصدر إلهام للرياضيين الطموحين في جميع أنحاء العالم.
ليونيل ميسي يدين بالكثير من مسيرته الكروية لجدته سيليا أوليفيرا كوتشيتيني. وهي التي أحضرت ليو البالغ من العمر أربع سنوات إلى أول حصة تدريبية له مع فريق “جراندولي” في مسقط رأسه مدينة روزاريو بالأرجنتين.
توفيت جدته عندما كان ميسي يبلغ من العمر 11 عامًا. وبحسب لاعب كرة القدم فهو يكرس له كل أهدافه. ويحتفل بهم برفع سبابته إلى أعلى والنظر نحو السماء.
خلال طفولته، حصل ميسي على لقب "البرغوث" (La Pulga) نظرا لصغر حجمه. تم تشخيص إصابته بنقص هرمون النمو، وبحلول سن الحادية عشرة، كان طوله 11 سم فقط. وتلقى ميسي علاجا هرمونيا حتى سن 132 عاما، مما سمح له بالوصول إلى طول أكثر ملاءمة للاعب كرة قدم، حيث وصل إلى 14 سنتيمترا.
على الرغم من صغر حجمه، فإن خفة حركة ميسي وسرعته وتحكمه الاستثنائي في الكرة جعلت منه لاعبًا رائعًا على أرض الملعب. وسرعان ما أصبح معروفًا بسرعته الهائلة ومهاراته المذهلة في المراوغة وقدرته على التغلب على الخصوم. أدى ذلك إلى قيام وسائل الإعلام الإسبانية بصياغة مصطلح "البرغوث الذري" (La Pulga Atómica) لوصف أسلوبه المثير في اللعب. عززت إنجازات ميسي ومساهماته الرائعة في هذه الرياضة مكانته كواحد من أعظم لاعبي كرة القدم على الإطلاق.
من سن 6 إلى 13 عامًا، لعب ميسي في أكاديمية الشباب في نيولز أولد بويز، أحد أكبر الأندية الأرجنتينية. وفي هذه الفترة تم اكتشاف نقص هرمون النمو لديه، ولكي ينمو مثل الأطفال الآخرين، كان يحتاج إلى حقن شهرية.
ومع ذلك، بسبب الأزمة المالية في الأرجنتين، لم يتمكن المصنع الذي كان يعمل فيه والده، ثم مصنع "نيولز"، من تغطية تكاليف علاج ميسي. في ذلك الوقت، جاء اثنان من رجال الأعمال من بوينس آيرس، على علم بموهبة ميسي ولهما علاقات في برشلونة، لمساعدة عائلة نجم المستقبل. وأبلغوا ممثلي النادي الكاتالوني عن الأرجنتيني الموهوب، وقام برشلونة على الفور بتنظيم ودفع تكاليف رحلة الطيران والإقامة لميسي ووالده في برشلونة. لعبت المساعدة التي قدمها رجال الأعمال هؤلاء دورًا حاسمًا في تشكيل مسيرة ميسي المهنية وفتح الأبواب أمام مسيرته الرائعة في برشلونة.
تم كتابة الاتفاق الأولي بين ميسي وبرشلونة على عجل على منديل في أحد المطاعم في جبل مونتجويك الكاتالوني في 14 ديسمبر 2000. واتخذ النادي الخطوة لطمأنة والد ميسي، خورخي هوراسيو، الذي وصل مع ابنه إلى برشلونة. في سبتمبر. ومع ذلك، كان النادي مترددًا في تقديم عقد في ذلك الوقت. لم تكن الأندية الأوروبية معروفة بالتعاقد بشكل متكرر مع المواهب الشابة من أمريكا الجنوبية، ولهذا السبب كانت لدى بعض أعضاء إدارة برشلونة شكوك.
ومع ذلك، طالب والد ميسي بتأكيدات بأن النادي الإسباني لن يعامل ابنه مثل النادي الأرجنتيني، نيولز أولد بويز، بل سيوقع عقدًا ويغطي نفقاته الطبية بدلاً من ذلك. ووافق برشلونة في النهاية على تلبية هذه المطالب، مما مهد الطريق لرحلة ميسي الرائعة مع النادي. تسلط هذه الحكاية الضوء على تصميم والد ميسي على ضمان مستقبل أفضل لابنه والإيمان الذي أبداه برشلونة في رعاية المواهب الشابة.
رهان برشلونة على ميسي أثبت نجاحه. وفي عام 2012، عندما كان ميسي (24 عاما) في موسمه الثامن فقط مع النادي الكاتالوني، سجل 234 هدفا، ليصبح الهداف التاريخي في تاريخ الفريق. الرقم القياسي السابق البالغ 233 هدفًا كان يخص الإسباني سيزار رودريجيز، الذي لعب لبرشلونة لمدة 13 عامًا، من عام 1942 إلى عام 1955. يوضح هذا العمل الفذ تأثير ميسي المذهل على الفريق وقدرته على تجاوز الأرقام القياسية طويلة المدى. عزز التفاني والمهارة التي أظهرها على أرض الملعب مكانته كواحد من أعظم الهدافين في تاريخ كرة القدم.
يحمل ميسي الرقم القياسي لأكبر عدد من الأهداف المسجلة في عام واحد في المباريات الرسمية. وفي نفس العام 2012، سجل 91 هدفا في 69 مباراة بجميع المسابقات. وتجاوز هذا الرقم القياسي السابق الذي سجله جيرد مولر عام 1972 عندما سجل 85 هدفا لبايرن ميونيخ والمنتخب الألماني. لوضع الأمور في نصابها الصحيح، كان أعلى عدد أهداف لكريستيانو رونالدو في عام واحد هو 69 هدفًا، تم تحقيقه في عام 2013. يُظهر إنجاز ميسي الرائع براعته الاستثنائية في تسجيل الأهداف وقدرته على العثور باستمرار على أسفل الشباك. وهذا دليل على موهبته الاستثنائية ومساهمته في هذه الرياضة.
وفي أغسطس 2016، أعلن ميسي اعتزاله اللعب مع المنتخب الوطني بسبب سلسلة من خيبات الأمل. على الرغم من 11 عامًا قضاها مع المنتخب الوطني، إلا أنه تمكن من الفوز بالميدالية الذهبية فقط في أولمبياد 2008، وفي أربع مناسبات غاب بفارق ضئيل عن الألقاب الكبرى. وتعرضت لثلاث هزائم في نهائي كوبا أمريكا (2007 و2015 و2016) وخسرت أمام ألمانيا في نهائي كأس العالم 2014.
ومع ذلك، بعد أسبوعين فقط من هذا الإعلان، عاد ميسي إلى المنتخب الوطني. السنوات التالية ستحقق له انتصارات كبيرة. لقد انتصر بشكل خاص في كوبا أمريكا (2021) وكأس العالم لكرة القدم (2022)، مما يمثل معالم حاسمة في مسيرته الدولية. ستأتي هذه الانتصارات بعد عدة سنوات من إعلان اعتزاله الأولي وستكون بمثابة إنجازات مهمة لكل من ميسي والمنتخب الأرجنتيني.
قبل كأس العالم لكرة القدم 2018 في روسيا، ظهر ميسي للمرة الأولى والوحيدة في إعلان لعلامة تجارية روسية، Alfa-Bank. ووفقا لممثلي الشركة، فإن من بين المتقدمين الآخرين للإعلان نيمار ورونالدو.
تم اختيار ميسي لأن صورته تناسب وضع البنك: رياضي مخلص لم يكن مبهرجًا ولا متفاخرًا. وأشار المنظمون إلى أن لاعب كرة القدم أظهر خلال التصوير الانفتاح والتواضع. لقد وقع بسعادة على التوقيعات وحتى ضحك عندما تعثر أثناء التقاط صورة للإعلان التجاري. هذا التعاون بين ميسي وألفا بنك لم يسلط الضوء فقط على قيمته السوقية كرمز رياضي عالمي، ولكن أيضًا على طبيعته الواقعية. أعطى الإعلان للجماهير والمشاهدين لمحة عن سهولة الوصول إلى ميسي وشخصيته الطيبة، مما جعله محبوبًا أكثر لدى معجبيه في جميع أنحاء العالم.
في عام 2019، أصبح ميسي صاحب الرقم القياسي لأكبر عدد من الكرات الذهبية، وهو التكريم السنوي الذي تمنحه مجلة فرانس فوتبول الفرنسية لأفضل لاعب كرة قدم في العالم. وهذه هي المرة السادسة التي ينال فيها المايسترو الأرجنتيني هذا التكريم المرموق، متجاوزا منافسه الأبدي كريستيانو رونالدو، الذي فاز بالجائزة خمس مرات. ثم، في عام 2021، عزز ميسي تفوقه بفوزه بالكرة الذهبية السابعة له.
وتؤكد هذه الإنجازات موهبة ميسي الاستثنائية وهيمنته المستمرة في عالم كرة القدم. تعكس انتصاراته العديدة بالكرة الذهبية التقدير والإعجاب الذي حصل عليه في مجتمع كرة القدم لمهاراته ومساهماته التي لا مثيل لها في هذه الرياضة. الأرقام القياسية التي سجلها هي شهادة على تفوقه الدائم ومكانته كواحد من أعظم اللاعبين في تاريخ كرة القدم.
طوال مسيرة ميسي المهنية، قارن الصحفيون والجمهور باستمرار إنجازاته بإنجازات رونالدو، على الرغم من أن كلا اللاعبين نفيا مرارًا وتكرارًا أي منافسة بينهما. حتى أن محبي التنافس بين ميسي ورونالدو أنشأوا موقعًا على شبكة الإنترنت يسمى ميسي مقابل رونالدو، حيث يقارنون إحصائيات بعضهم البعض. على سبيل المثال، بحسب الموقع، واجه ميسي ورونالدو بعضهما البعض على أرض الملعب 36 مرة. وفي هذه المباريات، سجل ميسي 22 هدفًا وقدم 12 تمريرة حاسمة، بينما سجل رونالدو 21 هدفًا وقدم تمريرة حاسمة واحدة فقط.
وأثارت المقارنة المستمرة بين ميسي ورونالدو جدلا ساخنا بين عشاق كرة القدم، حيث دافع أنصار كل لاعب عن مفضلهم. ومع ذلك، من المهم أن ندرك أن كلا اللاعبين تركا بصمة لا تمحى على هذه الرياضة وحققا نجاحات ملحوظة في حد ذاتها. توفر الإحصائيات المعروضة على الموقع منظورًا مثيرًا للاهتمام حول أدائها ولكن لا ينبغي أن تلقي بظلالها على مساهماتها الشاملة وتأثيرها على اللعبة.